{ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32)}{قَرْناً ءَاخَرِينَ} هم عاد قوم هود: عن ابن عباس رضي الله عنهما. وتشهد له حكاية الله تعالى قول هود: {واذكروا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ} [الأعراف: 69] ومجيء قصة هود على أثر قصة نوح في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء.فإن قلت: حق أرسل أن يعدّى بإلى، كأخواته التي هي: وجه، وأنفذ، وبعث. فما باله عدّي في القرآن بإلى تارة، وبقي أخرى، كقوله: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ} [الرعد: 30]، و{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ} [سبأ: 34]. {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً} أي في عاد. وفي موضع آخر {وإلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: 65]، [هود: 50]؟ قلت: لم يعدّ بفي كما عدّي بإلى، ولم يجعل صلة مثله، ولكن الأمّة أو القرية جعلت موضعاً للإرسال، كما قال رؤبة:أَرْسَلْتُ فِيهَا مُصْعَباً ذَا إقْحَامْ ***وقد جاء (بعث) على ذلك في قوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً} [الفرقان: 51]. {أَنِ} مفسرة لأرسلنا، أي: قلنا لهم على لسان الرسول: {اعبدوا الله}.